النداء الأخضر
تحركت الصفوف فجأة وكأن حوار القلوب الصامت بينهم يدعو إلى رفع الظلم والجور والاحتلال عن بلد ذي تاريخ عريق وثقافة يعتز بها الصغير والكبير، لازالت حمى تلك المسيرة تسري في كل مواطن مغربي، وبأن أرض الأجداد لطالما كانت حرة وستعود حرة رغم كيد الكائدين واضطهاد الأعداء الظالمين، ذاك اليوم 06/11/1975، لم يكن عاديا فملك البلاد الحسن الثاني رحمة الله عليه رأى بأن شعبه قوة بركان بإمكان حممه حرق كل مغتصب لبلده المغرب وأحس بحب الشعب لكل شبر من أرضه الطاهرة، التي عرفت العز والكرامة والشهامة منذ القدم فكان أمره بوضع حد لاستعمار غاشم واستعادة سيادته لتراب الأجداد، وساد آنذاك دم العروبة والإسلام، وكفاح الأجداد منذ زمن في حماية كرامة الأوطان، وتحول الدم الى غليان، بدأت قلوب الرجال تهفوا الى الشهادة ووريد النساء يصدح، وتتصاعد ألسن الصبايا تردد معا حتى الممات، والشيوخ بالدعاء تنادي ربها الحرية ورغبة المواطنين في المضي قدما وبدون سلاح، فقط راية حمراء وكلمات ملؤها الكفاح وقرآن مجلد تحمله السواعد للنجاح، وحينها فار دم العروبة في عروق المغاربة للدفاع عن الكرامة وأعراضهم الغالية، وانطلقت المسيرة بكل ثقة وثبات وأرواح من أجل الوطن الأم، آنذاك أكد المواطن المغربي أنه سيبقى صامدا مهما طال الأمد و أن حب وطنه خالد وسيبقى خالدا أبد الدهر.
لقد كانت المسيرة عتق من نار مستعمر مستبد، واسترجاع لخريطة بلد أبيْ، كان قد تم قضم أجزاء منها من قبل الغزاة الأوربيين، وأعطى رسالة للعالم أن المغرب وطن ليس كباقي الأوطان، شرفه وعزته لن تباع أبدًا ولن تهان، مهما طال الأمد وتغيرت الأزمان فهو رمز للقوة والعطاء، ولا مكان فيه للضعفاء ولن يسمح أبدًا لمستعمر غاشم أن يهدم فوق شعبه الحيطان، ولن يقبل العيش في خوف وإذلال من أي عدو كان.
إن النداء الأخضر كان المسمار الأخير في نعش المستعمر الغاشم، لتبقى ذكرى المسيرة الخضراء خالدة في تاريخ المغرب الحديث وفي قلب الشعب المغربي الأبي، لأنها ذكرى تؤرخ بمداد الفخر لإجلاء آخر فلول الاستعمار عن صحرائه لتبدأ بعدها مرحلة البناء و التشييد و الازدهار بكل المناطق الصحراوية و التي تستمر دون كلل أو ملل في ظل ملك البلاد محمد السادس نصره الله.
بقلم: الشاقوري يوسف