قلم عبد الرحمان نافع اليوم (( خاص ))
إلى غاية الوقت الراهن، ما يزال مرشيش ذك المكان الصخري المتواجد على بعد حوالي 3 كيلومترات من مركز مديونة، يستقبل يوميا العشرات من البيضاويين وغيرهم ،من مختلف الأعمار رجالا ونساء ما يزالون يعتقدون بكرامات وبركات ملك الجن، الذين يتواجدون بكثرة – حسب زعم الزوار – بمغارات هذا المكان، وكل ملك منهم يتربع على عرش مملكته، كمملكة الجن ميمون ومملكة لكناوي ومملكة عايشة البحرية ومملكة الجن سمهروش فضلا عن مملكة الجنية عايشة مولات الفلجة ودون نسيان مملكة الجنية للامليكة المتخصصة في جلب الرجال للعوانس، وهو ما يجعل أغلبية زوار مرشيش من النساء، يأتون إليه من كل مكان خصوصا في أيام الأربعاء من كل أسبوع ،وفي شهر شعبان بللاستفادة من بركته والوقوف أمام صخوره ،والولوج إلى مغاراته الخفية والتي تحيط بها أزبال من نوع خاص متعلقة بقنينات مكسورة خاصة بالبيرة والروج وتؤثث فضاءاته مظاهر تناول الشيشة والخمور ومختلف أنواع التخدير، على إيقاع الاستماع إلى أغان من نوع خاص مستمدة من طقوس الجذبة والشعوذة والدجل، هذا ما عاينته الجريدة بهذا المزار، الذي يستغل إيراداته مستشار جماعي سابق، كان إلى وقت قريب النائب الأول لرئيس الجماعة الأسبق، قبل إقالته من مهامه على خلفية الاتجار وتشييد المستودعات العشوائية على بعد أمتار قليلة من المزار المذكور والشهير بمرشيش.
نهار لاربعا نايضة في مرشيش
وتبدأ طقوس الزيارة كل يوم تقريبا، إلا أنها تعرف ذروتها في يوم الأربعاء، وفي شهر شعبان من كل سنة وبشكل يومي، وتستهل بشراء الشموع الملونة، والدجاج البلدي والذي يجب أن يكون لونه إما أحمرا أو أسودا، ويباع ما بين 100 إلى 150 درهما للدجاجة الواحدة، وهناك بعض الدجاجات من يتم بيعهن أكثر من مرة في اليوم، لأن الفقيه فقط يكتفي بتمرير الدجاجة على جسم الزبونة ثم يقول “هاذي ذبيحتك أسيدي ميمون” ثم يرمي بالدجاجة في مكان خال لا تراه الزبونة ،ويأخذه شخص آخر مهمته بيعه لزائرة أخرى وهكذا دواليك، ونفس الشيء بالنسبة للشمعة الواحدة والتي تباع في اليوم، أكثر من 10 مرات كما أكدت لنا مصادر من عين المكان، ثم بعد ذلك تبدأ رحلة الطواف على المغارات والصخور الحجرية التي تحمل أسماء لملوك الجان مثل الخيمة الزرقاء ، التي يتجرد زوارها في فضاءها من أحذيتهم ويمشون فوق زجاج مهشم يرفسونه بأقدامهم الحافية.
بعد مرحلة الدجاج والشمع يقول الفقيه للزائرة: ״جي نهار لاربعا راه كاينة الحضرة ، راه ملوك الجن كيحضروا، أو متنسايش دجيبي معاكي الذبيحة الكبيرة “في إشارة لخروف أو عجل أو مقابلهما المادي ،وهناك العديد من الزائرات من يقبلن بشروط الفقيه ويحضرن فرادى وجماعات لحضور ليلة الحضرة والتي تكون حتى في النهار في بعض المنازل المجاورة، وإذا علم الفقيه أن الزائرة لا يمكنها حضور الحضرة، فإنه يقول لها، سأحاول أن أجد لك الجن “دابا إلا كان عندك شي زهر ولكن خصك تزيدي لفلوس” ليتم بعد ذلك إدخال الزبونة إلى مغارة صغيرة بها غطاء متواضع ومضاءة بشمع ،لتجد شخصا يجلس القرفصاء ويلبس الأبيض لإدخال الوقار والهيبة في نفس زائرته، وما أن تطمئن لجنها المزعوم، يبدأ في لعب دوره والمتمثل في قدرته على شفائها وقضاء مآربها مستعينا بكلمات مستمدة من معجم الشعوذة والدجل، وإذا ما وجد الفقيه ضعفا وتصديقا لأقواله، فإنها تسلمه نفسها، بعد أن يقنعها بأن ممارسة الجنس ضرورة للتخلص مما هي فيه، أما الزبونات اللواتي يرفضن عرض الجن المزعوم بمضاجعتهمن، فإن امرأة تشتغل بهذا المزار تتدخل لتهدئ من روع الزبونة وفي الغالب تقنعها بالاستجابة لمطلب الجني في مضاجعتها.