بقلم: هشام سكومة
شهدت مدينة خريبكة يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، إطلاق مشروع “مصالحة”، في إطار المبادرة الدولية “Justement”، الممولة من الاتحاد الأوروبي، وبشراكة مع المديرية الإقليمية لقطاع الشباب، ومنظمة Progettomondo Maroc، وبتنفيذ من منظمة الطلائع أطفال المغرب – فرع خريبكة، وجمعية الرياض للتربية والثقافة والفنون.
ويهدف هذا المشروع الطموح إلى التصدي لظاهرة العنف، خاصة العنف المبني على النوع الاجتماعي، عبر آليات قانونية وتربوية مبتكرة، تسعى إلى تحقيق العدالة التصالحية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للفئات الهشة.
احتضنت قاعة الندوات بمركز التكوين المهني النسوي الإقليمي بخريبكة حفل الإطلاق الرسمي، حيث استُهلت الكلمات بكلمة السيد نبيل مثقال،رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب، الذي عبّر عن فخره بإطلاق هذه المبادرة، واصفًا إياها بـ”الالتزام الجماعي نحو بناء مستقبل تسوده القيم الإنسانية والاحترام المتبادل”. وأكد أن مشروع “مصالحة” يشكل أرضية لتعزيز التمكين القانوني للفئات الهشة، وترسيخ ثقافة الحوار والثقة، من خلال شراكات منسجمة بين المجتمع المدني والقطاعات الحكومية.
كما ألقت السيدة حياة عامر، مديرة مركز التكوين المهني النسوي بخريبكة، كلمة ترحيبية نيابة عن السيدة رشيدة الهاني، المديرة الإقليمية لقطاع الشباب، عبّرت فيها عن تقدير المديرية لهذه المبادرات النوعية، التي تساهم في إرساء دعائم مجتمع عادل وآمن، يضمن الحماية والتمكين للنساء والشباب على وجه الخصوص.
أما السيدة إيمان أعرب، ممثلة جمعية الرياض، فقد أكدت بدورها على أهمية تظافر الجهود المؤسساتية والمدنية من أجل توفير بيئة حاضنة وداعمة للفئات المستهدفة، مثمّنة الدعم الأوروبي الذي يُعد رافعة حقيقية لمبادرات محلية واعدة.
وقدّمت السيدة كوثر كليمان عرضًا شاملاً حول المشروع، استعرضت فيه أهدافه ومجالات تدخله، مشيرة إلى أنه يسعى لتفعيل مسارات جديدة نحو المصالحة المجتمعية، ترتكز على تقوية آليات الحماية، ورفع الوعي القانوني، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي المتكامل.
وفي الشق التفاعلي، جاءت مداخلة السيدة أنـاس رجاء، المندوبة الدائمة للحرية المحروسة بوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الشباب، والتي سلطت الضوء على دور آلية “الحرية المحروسة” في مواكبة الأطفال في وضعية نزاع مع القانون، معتبرة إياها أداة فعالة لحماية هذه الفئة وإعادة إدماجها. كما أشارت إلى التحديات التي تعترض تطبيق هذه الآلية، خاصة على مستوى التنسيق بين المتدخلين، والحاجة إلى تكوين مستمر للكفاءات العاملة في المجال، داعية إلى تعزيز قدرات الفاعلين وتوسيع الشبكة المؤسساتية الداعمة لمواكبة وتتبع الأطفال في وضعية هشاشة.
أما الأستاذ علال البصرواوي، فقد قدّم مداخلة قانونية وازنة تحت عنوان: “أية مقاربات قانونية لمناهضة عنف النوع الاجتماعي؟”، حلل من خلالها المنظومة التشريعية الوطنية، مبرزًا التقدمات القانونية التي تحققت، دون إغفال الصعوبات المرتبطة بالتنزيل الميداني. وأوصى بضرورة تبني مقاربة شمولية تدمج الوقاية، الزجر، والدعم، مع إيلاء الأهمية القصوى للتكوين المستمر للمشتغلين في ميادين القانون والخدمة الاجتماعية.
واختتم اللقاء بحوار تفاعلي مفتوح بين الحضور والمتدخلين، سادته أجواء إيجابية من الانفتاح وتبادل الرؤى والتجارب الناجعة، ما يؤشر على انطلاقة واعدة لهذا المشروع.
ويُرتقب أن يشكل “مصالحة” نموذجًا رياديًا بجهة بني ملال – خنيفرة، يسهم في تعزيز ثقافة السلم والعدالة، عبر تمكين الفئات الهشة، وتقوية التنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين والدوليين، بما ينسجم مع التوجيهات الوطنية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.