بعد حملة شبه إعلامية على بعض صفحات “فايسبوك” تُروج لإضافة أسئلة جديدة لبنك الامتحانات النظري لرخصة السياقة، تبرز الحاجة لتوضيح الصورة كاملة بخصوص ما تقوم به الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا”، التي تبقى الجهة الرسمية والوحيدة المخول لها مراجعة وتحيين بنك الأسئلة، في إطار اختصاصاتها ووفق المقاربة التشاركية التي جمعتها بممثلي قطاع تعليم السياقة عبر اجتماعات متتالية سبقت تنزيل هذا البنك الجديد.
فقد تم الاتفاق مسبقاً على اعتماد التدرج في تفعيل هذا النظام، عبر تقسيم بنك الأسئلة الذي يضم 1000 سؤال – بينها 50 سؤالاً على شكل فيديوهات – إلى ثلاث مراحل: الأسئلة السهلة، ثم المتوسطة، وأخيراً الصعبة. ومن الواضح أن المرحلة الحالية (..ربما..) تتمثل في إدراج الأسئلة المتوسطة، مما يتطلب من مهنيي القطاع بذل مجهودات مضاعفة، وتطوير أدواتهم البيداغوجية وأساليب التكوين المعتمدة، لتمكين المرشحين من حظوظ حقيقية للنجاح.
ورغم ما يرافق هذا التحول من تخوفات، فإن التحدي الحقيقي اليوم يكمن في جودة التكوين، لا في عدد الأسئلة أو صعوبتها. ولذلك فإن مؤسسات تعليم السياقة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالالتزام بالتعريفة الرسمية وشروط عقد التكوين، و على المرشحين المحتملين عدم الانسياق وراء إعلانات زائفة تروج لأثمنة هزيلة تؤدي في النهاية إلى تكوين ناقص ومرشح غير مؤهل.
فمن غير المقبول أن يستمر التفاوت في الأسعار، أو أن يتم التساهل في الساعات الدنيا المحددة قانوناً. بل يجب أن تُستنفد ساعات التكوين كاملة، وإن تطلب الأمر ساعات إضافية، فعلى المرشح أن يتحمل تكلفتها كما هو منصوص عليه في العقد. أما التكوين السطحي أو المعتمد على مصادر غير موثوقة عبر الإنترنت، فهو من الأسباب الجوهرية لارتفاع نسب الرسوب.
ومع تصاعد هذه المؤشرات، يصبح من حق الفاعلين المهنيين التساؤل: كيف تتحكم “نارسا” في نسب النجاح؟ وما مدى تأثير هذه النسب على تقييم أداء المرشحين؟ وهل يتم فعلاً احتساب جودة الإجابة، أم أن هناك عوامل خفية تتحكم في النجاح والرسوب؟ أسئلة مشروعة تنتظر من الوكالة توضيحات مسؤولة، ليس فقط للمهنيين بل للرأي العام برمته، لأن مصداقية الامتحان النظري اليوم أصبحت على المحك، والتكوين الجيد وحده هو القادر على فتح الطريق نحو رخصة سياقة مستحقة، لا رخصة بالتقسيط التكويني.