اختراق الضمان الاجتماعي يكشف هشاشة الأمن السيبراني في المغرب

 

 

أبرز الهجمات السابقة وسياقها سليم لواحي شهد المغرب خلال شهر أبريل من سنة 2025 اختراقًا خطيرًا طال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث أعلنت مجموعة قرصنة تُدعى “جبروت”، يُعتقد أنها تنشط من الجزائر، عن تمكنها من الولوج إلى قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على معطيات شخصية ومالية لملايين المواطنين المغاربة وآلاف المقاولات الوطنية. وقد شمل هذا التسريب بيانات حساسة كأجور المستخدمين، معلوماتهم الإدارية، أرقام انخراطاتهم، وبيانات خاصة بمديري الشركات، إضافة إلى تفاصيل مالية دقيقة.

ورغم محاولة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات التقليل من خطورة الهجوم، من خلال التأكيد على أن المعلومات المنشورة متاحة للعموم، فإن طبيعة المعطيات المسربة وحجمها الكبير يدفع إلى الشك في مدى جاهزية المؤسسات المغربية لحماية نظمها الرقمية. وقد أحدث هذا الاختراق صدمة حقيقية لدى الرأي العام، خاصة وأنه يطال مؤسسة اجتماعية تعتبر من الركائز الأساسية للدولة.

ما وقع لم يكن معزولًا عن سياق أوسع، بل يأتي في امتداد لسلسلة من الهجمات السيبرانية التي استهدفت المغرب في السنوات الأخيرة، من بينها اختراق موقع البرلمان المغربي سنة 2022 من طرف مجموعة هاكرز عبّرت عن دعمها للقضية الفلسطينية، وكذا محاولات متعددة لاختراق مؤسسات بنكية وإدارية، منها محاولة سابقة لاستهداف بنك المغرب في سنة 2012، والتي تم إحباطها في حينها.

هذا الوضع يكشف عن هشاشة حقيقية في منظومة الأمن السيبراني الوطني، ويعري واقع الحماية الرقمية داخل مؤسسات حيوية. فمع التسارع الكبير في رقمنة الخدمات، لم تواكب العديد من الإدارات هذا التحول بأنظمة حماية متقدمة، كما أن الكفاءات البشرية المكلفة بتدبير الفضاء الرقمي تفتقر أحيانًا للتكوين الضروري في مواجهة التهديدات السيبرانية. ويرى متخصصون أن المغرب مطالب اليوم بوضع إستراتيجية واضحة وشاملة لتعزيز الأمن المعلوماتي، ليس فقط من خلال تطوير البنيات التقنية، بل أيضًا عبر التكوين، والتعاون الإقليمي والدولي، وسن قوانين أكثر صرامة في مجال حماية المعطيات.

حادثة اختراق الضمان الاجتماعي يجب أن تُفهم باعتبارها جرس إنذار حقيقي، لا مجرد عمل معزول، لأنها مست المنظومة الاجتماعية برمتها، وهددت الثقة بين المواطن والمؤسسات. إنها دعوة مفتوحة لمراجعة السياسات الرقمية في البلاد، وترسيخ قناعة بأن الأمن السيبراني لم يعد ترفًا، بل ضرورة وطنية لحماية السيادة الرقمية، والاستقرار الإداري والاجتماعي للمملكة.

سليم لواحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك النسخ